ها قد انقضى الحلم يا ليلى
وغربت الشمس و انطفأت
الشموع التي أنارت ساحتي يوما ما
وها هي زهرتي التي غرستها في
حديقة أوهامي ذبلت فجأة،
وعصفورتي الجميلة التي كانت
تملأ حياتي أنسا و سرورا قد
هاجرت الأرض و غادرت الحديقة
إلى غير رجعة...
وهاهو العـقد الذي جمعتۥ
حباته ورصعته على صدر أيامي
قد تبعثرت لآلئه وانتثرت عبر
الأزقة المهجورة...
وها هي الورود التي قطفتها
معك على ضفاف الجداول
وضلال الأشجار قد يبست
و مات أريجها...
فيا أيتها الفتاة التي أشبعتني
ألما و لم تراعي أشواقي و أحزا ني
إنك الفتاة القاسية التي
لم تستمع يوما لنداء قلبي وزفرات أنفاسي
إنك السراب الذي عظم داءه
مع الأيام لكن كنت
أشفق أن ينزاح عن قلبي وﺁهاتي
أنت الصورة التي يراك فيه الناس
وهما و أراك فيها أنا قرة عيني و ملاكي
لقد غرست
شوكة في قلبي يا ليلى
بنظرات عينيك في آخر يوم من أيام
شهر مايو من ذاك العام
لا تـقـتلعها الأيام و لا تمحيها السنين،
كنت
أبحث عنك في الجامعة كالمجنون
والـتـلقيتك و يا ليـتـني ما لاقيتك
ولم أدري حينها أنك سوف
تـفجعيـنـني وتتركي قلبي
ينزف دما
و روحي تتمزق
ألما وعيوني تذرف دمعا
بعدما تأكد لي أن رحلة
حبي انتهت عبر طلقة
رصاص وجهتها لصدري
معلنة فيها نهاية الحلم الجميل
وبداية الألم الدفين وَأََفـقتۥ
بعد إغماءٍ روحي وتشردٍ
عاطفي وغياب عن
عالم المحسوسات عن
حقيقة مرة مفادها أنه
لم يعد بالإمكان منذ
اليوم رؤية حبيبتي
يا الله لقد تزوجت حبيبتي..!!
و تراءى لي بعد ذلك أن الله
استجاب لدعائي لأني طالما
دعوت لها بالستر،في صلاتي
في قيامي وفي كل حلاتي،
نعم لقد أطلقتْ رصاصة على قلبي
لكنها أحييت
قلبها و أحزنت روحي لكن
أفرحت روحها وانـقطعت
ۥسبلي إليها لكن ربما وجدتْ
هي طريقها، لقد خطف القدر مني
حبيبتي بعدما خطفت هي مني
لحظات عمري.
وقبل أن نفترق في تلك اللحظة
من الزمن تشجعتۥ وسلمتها
كتابها الذي أعرتني إياه في
يوم من الأيام ا لتقرأ فيه رسالة
قصيرة كنتۥ قد كتبتها لها في
الصفحة الأخيرة من الكتاب فأخذته
مني و قرأت العبارة التالية:
( و اﻵن غاية أمنيتي أن تجد زهرتي بقعة خصبة
في أرض أخرى و يد حانية و قلب
عطوف تنمو فيها وتترعرع،
ولا أملك إلا أن أقول لك وفقك الله
لما أنت قادمة عليه،
ودعي عنك أشواقي و أحزاني
لأنها أصبحت بدون قيمة.
فرجائي الوحيد اﻵن أن تعيدي
لي رسائلي لأنها لم تصبح رسائلك
و السر لم يعد سرك بل
سري أنا وحدي و سأدفنه إلى الأبد و السلام).
سلمتْ لي الكتاب وهي تمتم بكلام لم أتـبـيـنه
ربما دعتْ لي بالتوفيق أو بالصبر
أو شيء من هذا القبيل لا أدري
كانت ترى أمامها جسم هامد
لا يتحرك إلا من دموع حارة لم
أستطع أنا أن أخفيها و لم
تستطع هي أن تفعل أي شيء
أمام وجه شاحب أطبقت عليه
الدنيا في غفلة من الزمن.
وتداركتۥ نفسي بعد هنيهة
رمقتها بعيون الحسرة و قد
انكسرت جفونها وطأطأت
رأسها مطرقة صامتة فشعرتۥ
بالحرج نحوها لأننا
كنا واقفين في وسط
الساحة أمام مرأى الطلبة ونحن
نتبادل النضرات الأخيرة
في تلك الأمسية الحزينة،
تــلك النضرات التي كانت
تبحث عن جواب لسؤال
كبير و أليم في نفس الوقت وهو لماذا ؟؟
وكانت الإجابة الصريحة و القاطعة
التي أوحاها لي وجهها الباهت
وحيائها المتدفق وهدؤوها
الذي يدعو للدهشة
إنه القدر
وأدرتۥ ظهري وانطلقت
مسرعا لا أعرف لي أي وجهة،
ووقفتْ هي في مكانها ترمقني
و أنا أبتعد عنها رويدا رويدا بين
جموع الطلبة فلا أدري ما كان
منها بعد ذلك و لا كيف كان
إحساسها تجاه رجل أحبها
بكل جوارحه و أخلص لها دون
أن تبادله عذابات الحب و حرارة
المشاعر سوى ابتسامتها
الساحرة المحفورة في ذاكرتي
والتي كانت تشعرني دوما بالسعادة
و عباراتها الجميلة المنمقة
التي طالما عبرت بها لي
عن حالي وحالها كلما صادفتها
في طريقي وهي تزهو بنفسها
كالطاووس بين أسراب الطيور لأليفة.
و جالت في خاطري في
تلك اللحظة و أنا أسير على
خطى قيس بن الملوح هواجس
لطالما راودتني لكني كنت
أدفعها دفعا خوف الاستيقاظ يوما
ما فأجد معذبتي في غفلة مني
قد انقلبت عني لتصنع الحياة
في واحة من واحات الحب المترامية
و ترمى بي في الصحراء لتبتلعني
غربة السفر وحشة الطريق وصدق
حدسي فكان ما كان و كانت
نهاية القصة
فالوداع الوداع
يا حديقة الأحلام
و يا زهرة الأقـحــوان
الوداع الوداع يا حشاشة
الروح و يا مرتع الأحــــزان
الوداع الوداع
فلك مني كل الوفاء
و لي منك كل الحـرمان
؟.................................